تقع ولاية فيرمونت في منطقة نيو إنجلاند شمال شرق الولايات المتحدة، وتحدها من الشمال كندا (مقاطعة كيبيك)، ومن الشرق نهر كونيتيكت وولاية نيوهامشير، ومن الجنوب ولاية ماساتشوستس، ومن الغرب ولاية نيويورك. تُعرف فيرمونت بطبيعتها الجبلية الخلابة، وبخاصة جبال غرين (Green Mountains) التي تقطع الولاية من الشمال إلى الجنوب، وتُعد من أبرز معالمها الطبيعية.
الولاية غنية بالغابات والبحيرات، وأشهرها بحيرة شامبلين (Lake Champlain) الواقعة شمال غرب الولاية، وتُعد مصدر جذب سياحي وترفيهي هام. تتمتع فيرمونت بأربعة فصول متميزة، وتشتهر بجمال ألوان الخريف حيث تتحول أوراق الشجر إلى لوحة فنية من الأحمر والبرتقالي والذهبي.
التاريخ
انضمت فيرمونت إلى الاتحاد الأمريكي عام 1791 كأول ولاية تُضاف بعد الولايات الثلاث عشرة الأصلية. قبل ذلك كانت جمهورية مستقلة تُعرف باسم "جمهورية فيرمونت" لمدة 14 عامًا بعد إعلان استقلالها عام 1777. عُرفت فيرمونت بمواقفها التقدمية، فكانت من أوائل الولايات التي ألغت العبودية، كما كان لها دور بارز في دعم الاتحاد أثناء الحرب الأهلية الأمريكية.
السكان
تعد فيرمونت واحدة من أقل الولايات الأمريكية سكانًا، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 650 ألف نسمة فقط. أكبر مدنها هي برلنغتون (Burlington)، والتي تعتبر المركز الحضري الرئيسي في الولاية، لكنها لا تُعد العاصمة؛ فالعاصمة الرسمية هي مونبلييه (Montpelier)، وهي أيضًا أصغر عاصمة ولاية من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة.
السكان يغلب عليهم الطابع الريفي، ويتميزون بثقافة محافظة على البيئة، وتميل توجهاتهم السياسية نحو الليبرالية. الولاية هي موطن العديد من الحركات الاجتماعية والسياسية، وأحد أبرز سياسييها هو السيناتور بيرني ساندرز.
الاقتصاد
يعتمد اقتصاد فيرمونت على عدة ركائز أساسية، أهمها:
-
الزراعة: تشتهر فيرمونت بإنتاج شراب القيقب (Maple Syrup)، وهي من أكبر المنتجين في البلاد. كما تُربى فيها الأبقار وتُنتج الألبان، وتُعرف بجودة منتجاتها مثل الجبن والزبدة.
-
السياحة: يُعد القطاع السياحي من الأعمدة الأساسية للاقتصاد، خاصة في الشتاء حيث تستقطب جبالها عشاق التزلج على الجليد، وفي الصيف والخريف حيث الطبيعة الخلابة والتخييم والمشي الجبلي.
-
الصناعة الخفيفة: تشمل الصناعات الغذائية (مثل شركة Ben & Jerry’s الشهيرة في صناعة الآيس كريم)، وكذلك الصناعات الحرفية والمنتجات الطبيعية.
-
التعليم والخدمات: تضم الولاية عددًا من الجامعات المرموقة مثل جامعة فيرمونت (UVM)، كما أن قطاع الخدمات، خاصة الصحية والتعليمية، يمثل جزءًا مهمًا من الاقتصاد.
الثقافة والحياة الاجتماعية
ثقافة فيرمونت متأثرة بقوة بالبيئة الريفية والجبال، مما يظهر في الفنون المحلية، والحرف اليدوية، والطعام المحلي. تميل الحياة الاجتماعية إلى البساطة والانخراط المجتمعي. كما تُعرف الولاية بدعمها القوي للفنون والموسيقى والمهرجانات الموسمية، مثل مهرجان الخريف ومهرجانات شراب القيقب.
الولاية أيضًا من أوائل من تبنوا قوانين الزواج المدني للأزواج من نفس الجنس، مما يعكس توجهاتها التقدمية في القضايا الاجتماعية.
السياسة
فيرمونت معروفة بكونها ولاية تقدمية سياسياً. الناخبون فيها يدعمون في الغالب الحزب الديمقراطي أو المستقلين ذوي التوجهات اليسارية. بيرني ساندرز، وهو عضو مجلس الشيوخ الأمريكي منذ 2007، يمثل وجهًا بارزًا للسياسات الاشتراكية الديمقراطية التي تحظى بشعبية بين سكان فيرمونت.
الحكومة المحلية تميل إلى تشجيع السياسات البيئية، ودعم الزراعة المحلية، والتعليم العام، والضمان الصحي الشامل. تعد فيرمونت من الولايات التي تبنت مفهوم "الحكومة الصغيرة" مع تركيز كبير على المجتمع المحلي والمبادرات الشعبية.
التعليم
نظام التعليم في فيرمونت يُعتبر من الأفضل بين الولايات الأمريكية من حيث الجودة ونسبة المتعلمين. توفر الولاية بيئة تعليمية داعمة، خاصة في المناطق الريفية، وتولي اهتمامًا خاصًا بالتعليم البيئي والمجتمعي. تشمل أبرز المؤسسات التعليمية:
-
جامعة فيرمونت (University of Vermont): مؤسسة حكومية كبرى تُعرف ببرامجها في العلوم البيئية والطب والعلوم الاجتماعية.
-
Middlebury College: كلية خاصة تُصنف ضمن أفضل الكليات الليبرالية في الولايات المتحدة، وتشتهر ببرامج اللغات والعلاقات الدولية.
البيئة والاستدامة
فيرمونت من أكثر الولايات التزامًا بالاستدامة البيئية. تحظر استخدام الكثير من المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام، وتشجع على الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كما تدعم الزراعة العضوية والمزارع الصغيرة، وتُعد نموذجًا في حماية الغابات والمياه.
التنوع والهوية
تتمتع فيرمونت بهوية فريدة تمزج بين الطابع الريفي المحافظ والنهج الليبرالي التقدمي. سكانها يعتزون باستقلاليتهم ومشاركتهم المدنية، ويحرصون على الحفاظ على البيئة والمجتمع المحلي. رغم قلة التنوع العرقي مقارنة بباقي الولايات، تشهد الولاية مؤخرًا موجات هجرة محدودة ساعدت في تنويع ثقافتها تدريجيًا.