كل ماتريد معرفته عن اوكرانيا

بيسوهات اوكرانيا

المقدمة

تُعد أوكرانيا واحدة من أكبر الدول في أوروبا من حيث المساحة، وتقع في قلب القارة الأوروبية الشرقية، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي جعلها على مدى القرون مركزاً للتبادل الثقافي والصراع الجيوسياسي. ورغم ما شهدته من أزمات سياسية واقتصادية، تبقى أوكرانيا دولة ذات تراث حضاري عريق وطموح حديث نحو الاندماج في المنظومة الغربية. هذه اللمحة تسعى لتقديم نظرة شاملة عن أوكرانيا من مختلف الجوانب لفهم طبيعتها وتاريخها ودورها الإقليمي والدولي.


الجغرافيا والموقع

تقع أوكرانيا في أوروبا الشرقية، وتحدها روسيا من الشرق والشمال الشرقي، وروسيا البيضاء من الشمال، وبولندا وسلوفاكيا والمجر من الغرب، ورومانيا ومولدوفا من الجنوب الغربي، ويحدها من الجنوب البحر الأسود وبحر آزوف. تبلغ مساحتها حوالي 603,628 كيلومتر مربع، ما يجعلها ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث المساحة بعد روسيا.

تتنوع التضاريس الأوكرانية ما بين السهول الواسعة والجبال، أبرزها جبال الكاربات في الغرب، التي تشكل جزءاً من الحدود الطبيعية مع دول أوروبا الوسطى. أما نهر دنيبرو فيشق البلاد من الشمال إلى الجنوب، ويعتبر شرياناً حيوياً للحياة والتنمية الاقتصادية.


السكان والديموغرافيا

يبلغ عدد سكان أوكرانيا نحو 36 مليون نسمة بحسب تقديرات 2024، بعد أن انخفض عدد السكان نتيجة الحرب مع روسيا والهجرة الواسعة. يشكل الأوكرانيون الأغلبية الساحقة من السكان، فيما توجد أقليات قومية مثل الروس، والتتار، واليهود، والمجريين، والبولنديين، والرومانيين.

اللغة الرسمية في البلاد هي الأوكرانية، وهي لغة سلافية شرقية، ولكن اللغة الروسية لا تزال مستخدمة على نطاق واسع في المدن الشرقية والجنوبية. كما تُستخدم لغات الأقليات في مناطق تواجدها.


التاريخ

العصور القديمة والوسطى

تعود جذور أوكرانيا إلى حضارات قديمة استوطنت منطقة السهوب، مثل السكوثيين والسارماتيين. في العصور الوسطى، ظهرت دولة "كييف روس" في القرن التاسع الميلادي، التي اعتُبرت النواة الأولى للهوية الأوكرانية، وكان لها دور بارز في نشر المسيحية الأرثوذكسية في المنطقة.

السيطرة الأجنبية

عبر القرون، وقعت أوكرانيا تحت سيطرة قوى مختلفة، منها الإمبراطورية الليتوانية، والبولندية، والعثمانية، والهابسبورغ، وأخيراً الإمبراطورية الروسية. في القرنين السابع عشر والثامن عشر، نشأ الكيان القوزاقي الذي سعى لاستقلال ذاتي، لكنه انتهى بالاندماج تدريجياً في الإمبراطورية الروسية.

القرن العشرون

بعد الثورة البلشفية، حاولت أوكرانيا إعلان استقلالها في 1917، ولكنها أصبحت جزءاً من الاتحاد السوفيتي عام 1922. عانت البلاد من مجاعة "الهولودومور" في الثلاثينات والتي أودت بحياة الملايين، ثم عانت لاحقاً من ويلات الحرب العالمية الثانية.

في عام 1991، ومع تفكك الاتحاد السوفيتي، أعلنت أوكرانيا استقلالها وأصبحت دولة ذات سيادة، وهي لحظة فارقة في تاريخها الحديث.


السياسة ونظام الحكم

أوكرانيا جمهورية ديمقراطية ذات نظام نصف رئاسي. يتألف النظام السياسي من ثلاث سلطات:

  • السلطة التنفيذية: يرأسها رئيس الدولة، ويدير الحكومة رئيس الوزراء.

  • السلطة التشريعية: يمثّلها البرلمان الأوكراني (فيرخوفنا رادا)، المكوّن من 450 عضواً.

  • السلطة القضائية: تشمل المحكمة الدستورية والمحاكم العليا.

شهدت أوكرانيا تحولات سياسية كبرى، خاصة بعد "الثورة البرتقالية" عام 2004، و"ثورة الكرامة" عام 2014 التي أطاحت بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش وأدت إلى اتجاه سياسي نحو أوروبا.


العلاقات الدولية

منذ الاستقلال، سعت أوكرانيا إلى تعزيز علاقاتها مع الغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي والناتو، الأمر الذي تسبب في توتر متزايد مع روسيا، وبلغ ذروته باجتياح روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، ثم الحرب الشاملة في فبراير 2022.

تسعى أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ووقّعت اتفاقية شراكة مع الاتحاد في 2017، كما حصلت على وضع "مرشح للعضوية" في عام 2022. وتلقى دعماً واسعاً من الدول الغربية في مواجهة العدوان الروسي.


الاقتصاد

نظرة عامة

يمتلك الاقتصاد الأوكراني إمكانيات كبيرة بفضل الموارد الطبيعية والقطاع الزراعي الضخم، لكن الحروب والفساد السياسي أثّرا سلباً على تطوره. يقدَّر الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 بنحو 160 مليار دولار.

القطاعات الرئيسية

  • الزراعة: أوكرانيا تُعرف بأنها "سلة خبز أوروبا"، وتُعد من أكبر مصدري القمح، والذرة، وزيت دوار الشمس.

  • الصناعة: تشمل الصناعات الثقيلة، وخاصة في مجال التعدين، والمعادن، والكيمياء.

  • الخدمات: قطاع تكنولوجيا المعلومات نما بسرعة، ويُعد من الأكثر ديناميكية.

  • الطاقة: أوكرانيا تمتلك شبكة أنابيب لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، لكن الاعتماد على روسيا تراجع بسبب الحرب.

التحديات

يواجه الاقتصاد الأوكراني تحديات كبيرة مثل تراجع الاستثمار، الفساد الإداري، وضعف البنية التحتية، وتدمير المنشآت جراء الحرب المستمرة.


المجتمع والثقافة

التعليم

نظام التعليم الأوكراني شامل ومجاني في مراحله الأساسية. تحظى الجامعات الأوكرانية بسمعة جيدة خاصة في مجالات الطب والهندسة، وتستقطب طلاباً دوليين من الشرق الأوسط والهند وأفريقيا.

الدين

المسيحية الأرثوذكسية هي الديانة المهيمنة، وهناك تنافس بين الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية والكنيسة التابعة لبطريركية موسكو. كما توجد أقليات كاثوليكية، بروتستانتية، ويهودية، ومسلمة (خصوصاً بين تتار القرم).

الثقافة والفنون

تتميز الثقافة الأوكرانية بالغنى والتنوع، من الرقصات الشعبية مثل الهوباك، إلى الأزياء التقليدية المطرزة، والأدب الكلاسيكي والشعبي. من أبرز الشخصيات الثقافية الشاعر "تاراس شيفتشينكو"، والملحن "ميكولا ليسينكو".

المطبخ الأوكراني غني بالأطباق التقليدية مثل البورش (شوربة البنجر)، والفارينيكي (زلابية محشوة)، والسالو (دهن الخنزير المملح).


الحرب مع روسيا 2022 

في 24 فبراير 2022، شنت روسيا غزواً واسع النطاق على أوكرانيا، مستهدفة كييف ومدنًا أخرى. دخلت البلاد في حالة حرب شاملة، ما تسبب في دمار واسع، ونزوح ملايين السكان داخلياً وخارجياً.

رغم التفوق العسكري الروسي، أظهرت القوات الأوكرانية صمودًا كبيرًا، بدعم من الأسلحة الغربية والمساعدات الإنسانية والمالية. لا تزال الحرب مستمرة، وقد أعادت رسم التحالفات الدولية، وأثرت بشكل جذري على مستقبل أوكرانيا ومكانتها العالمية.


التحديات المستقبلية

  • إعادة الإعمار بعد الحرب

  • محاربة الفساد وتطوير البنية الإدارية

  • تعزيز الأمن والدفاع الوطني

  • تحقيق التكامل الأوروبي الكامل

  • دعم الهوية الوطنية في مواجهة التأثيرات الروسية


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال