مقدمة
بابوا نيو غينيا هي دولة تقع في أوقيانوسيا في المحيط الهادئ، وهي واحدة من أكبر الدول الجزرية في العالم. تتمتع بتاريخ طويل ومعقد، فضلاً عن تنوع ثقافي هائل، مما يجعلها واحدة من الدول المثيرة للاهتمام في المنطقة. البابوا نيو غينيا تعتبر من الدول النامية التي تواجه تحديات كبيرة في مجالات متعددة، بما في ذلك الاقتصاد، والبنية التحتية، والبيئة.
الجغرافيا والموقع
الموقع الجغرافي
تقع بابوا نيو غينيا في شمال أوقيانوسيا، وهي تضم جزيرة بابوا الكبيرة، إضافة إلى جزر أخرى صغيرة تتوزع في المحيط الهادئ. تشترك الجزيرة مع إندونيسيا في الحدود البرية على الجانب الغربي من الجزيرة.
تتكون الدولة من حوالي 600 جزيرة، وهي جزر مرجانية وجزر بركانية. وتعتبر جزيرة بابوا أكبر جزيرة في الدولة، بينما توجد جزر صغيرة مثل جزر بسمارك و جزر تروبريان وغيرها.
المناخ والتضاريس
المناخ في بابوا نيو غينيا استوائي ورطب على مدار العام. تختلف درجات الحرارة حسب الارتفاع، حيث تسود درجات حرارة تتراوح بين 26 درجة مئوية و32 درجة مئوية. التضاريس في بابوا نيو غينيا تتسم بالتنوع الكبير، حيث توجد الغابات الاستوائية الكثيفة، إضافة إلى الجبال البركانية المرتفعة مثل جبال أوين ستانلي، التي تعد من أعلى القمم في المحيط الهادئ.
تمثل الغابات الاستوائية نظامًا بيئيًا غنيًا ومتعددًا، يحتوي على أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات التي تعد نادرة في مناطق أخرى من العالم.
التاريخ
الاستعمار الأوروبي
يعود تاريخ بابوا نيو غينيا إلى آلاف السنين من الاستيطان البشري، حيث سكنها الإنسان البدائي في فترات مبكرة من الزمن. ومع بداية القرن السادس عشر، بدأ الأوروبيون في اكتشاف جزر المحيط الهادئ، ومنها بابوا نيو غينيا. في البداية، دخل البرتغاليون و الإسبان المنطقة، ولكنهم لم يسيطروا عليها بشكل دائم.
مع حلول القرن التاسع عشر، أصبحت بريطانيا و ألمانيا و الولايات المتحدة هي القوى الاستعمارية الرئيسية في المنطقة، حيث فرضوا سيطرتهم على أجزاء كبيرة من بابوا نيو غينيا. في عام 1884، سيطرت ألمانيا على الجزء الشمالي من جزيرة بابوا، بينما كانت بريطانيا تسيطر على الجزء الجنوبي.
التغيرات في القرن العشرين
في الحرب العالمية الأولى، احتلت أستراليا جزءًا من بابوا نيو غينيا بموجب وصاية من عصبة الأمم. في عام 1942، خلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت بابوا نيو غينيا ساحة قتال رئيسية بين القوات الأمريكية واليابانية. هذه الحرب تركت آثارًا كبيرة على المنطقة، حيث أدت إلى دمار كبير وزيادة التفاعل بين السكان المحليين والقوات الأجنبية.
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت بابوا نيو غينيا تحت الانتداب الأسترالي، ثم حصلت على استقلالها في 16 سبتمبر 1975، لتصبح دولة ذات سيادة تحت اسم دولة بابوا نيو غينيا.
الاقتصاد
الأنشطة الاقتصادية
تعتمد بابوا نيو غينيا في اقتصادها على عدة مصادر رئيسية:
-
الزراعة: يعتبر القطاع الزراعي من القطاعات الأساسية في البلاد، حيث تنتج البلاد البن، الكاكاو، جوز الهند، و الزراعة المعيشية مثل الذرة و اليام. تُعتبر محاصيل القهوة أحد الصادرات الرئيسية للبلاد.
-
الثروة المعدنية: تتمتع بابوا نيو غينيا بثروات طبيعية هائلة، بما في ذلك الذهب، النحاس، و النفط، مما يجعل التعدين من القطاعات المهمة في الاقتصاد.
-
صيد الأسماك: يعد صيد الأسماك من القطاعات الاقتصادية الهامة، حيث يتم تصدير الأسماك مثل التونة إلى الأسواق العالمية.
التحديات الاقتصادية
على الرغم من أن بابوا نيو غينيا تتمتع بموارد طبيعية غنية، إلا أنها تواجه تحديات اقتصادية كبيرة تشمل:
-
الاعتماد على المصدر الواحد: ما زالت البلاد تعتمد بشكل كبير على تصدير المواد الخام مثل المعادن والموارد الزراعية.
-
البنية التحتية: تعاني البلاد من ضعف في البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والمواصلات والخدمات العامة.
-
الفقر: يعاني أكثر من نصف سكان بابوا نيو غينيا من الفقر، حيث يتطلب الأمر إصلاحات جذرية في نظام التعليم والرعاية الصحية.
السياسة والحكومة
النظام السياسي
بابوا نيو غينيا هي دولة جمهورية ذات نظام ديمقراطي برلماني. يتولى رئيس الوزراء الحكومة ويُنتخب من قبل البرلمان، الذي يتكون من 111 عضوًا يمثلون مختلف مناطق البلاد. رئيس الجمهورية هو منصب شرفي يُنتخب من قبل البرلمان.
البرلمان في بابوا نيو غينيا هو الهيئة التشريعية الرئيسية في البلاد، ويعتمد على النظام الانتخابي متعدد المقاعد. تنتخب الحكومة الوطنية من قبل الشعب، ويمثلها في الأغلب رئيس الوزراء الذي يشكل مجلس الوزراء.
العلاقات الدولية
تتمتع بابوا نيو غينيا بعلاقات قوية مع أستراليا، حيث تعد أستراليا من أكبر شركاء البلاد في التجارة والمساعدات. كما أن بابوا نيو غينيا عضو في عدة منظمات دولية مثل منظمة الأمم المتحدة، و مجموعة باسيفيك.
الثقافة والمجتمع
اللغة
يعد الإنجليزية هي اللغة الرسمية في بابوا نيو غينيا، إلا أن العديد من السكان يتحدثون لغات محلية متعددة. تُقدر اللغات المحلية في البلاد بحوالي 850 لغة، مما يجعلها واحدة من أكثر دول العالم تنوعًا لغويًا. لغة ببيس، وهي مزيج من الإنجليزية واللغات المحلية، تُستخدم على نطاق واسع في الحياة اليومية.
الدين
الدين الرئيسي في بابوا نيو غينيا هو المسيحية، حيث يُشكل المسيحيون حوالي 95% من السكان. تتنوع الطوائف المسيحية بين الكاثوليك، البروتستانت، والكنائس التقليدية الأخرى.
الفنون والثقافة
تتمتع بابوا نيو غينيا بثقافة غنية جدًا، تجمع بين التقاليد القبلية والفنون الحديثة. تشتهر البلاد بحرف النحت و التطريز و الرقصات التقليدية التي تستخدم في المهرجانات المحلية. تتمتع معظم القبائل في بابوا نيو غينيا بعادات فريدة من نوعها، مثل الملابس التقليدية، و الاحتفالات الدينية، و الطقوس الدينية الخاصة بكل قبيلة.
التحديات المعاصرة
التغير المناخي
يعد التغير المناخي من أكبر التحديات التي تواجه بابوا نيو غينيا، حيث تتعرض البلاد لأضرار جسيمة بسبب ارتفاع مستوى البحر والعواصف المدارية المتكررة.
النزاعات الداخلية
على الرغم من الاستقرار النسبي، إلا أن بابوا نيو غينيا ما زالت تواجه بعض النزاعات الداخلية المتعلقة بالقبائل والموارد الطبيعية، والتي تؤثر على الأمن الاجتماعي في بعض الأحيان.